بمشاركة «اليونيسكو» والفنانيين التشكيليين.. مبادرة مصرية تحتفي بـ «البردي الأخضر» عالميا

كتب – عادل دندراوي
تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية ومشاركة منظمة “اليونسكو”، أطلقت “مؤسسة منتدي الفن الدولي للفن التشكيلي من أجل التنمية” الأثنين الماضي، مبادرة “من البردي الأخضر إلى الفن الخالد” لإنقاذ نبات البردي وتعزيز الاقتصاد الإبداعي وحماية التراث الحضاري، بحضور ممثلين من “اليونسكو” والأمم المتحدة، والعديد من خبراء الزراعة، والفنانيين التشكيليين، والسينمائيين، داخل قاعات مكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك.
وقالت رندة فؤاد مؤسس ورئيس مؤسسة “منتدي الفن الدولي من أجل التنمية” https://wafdf.org/ في كلمة الإفتتاح إن البردى هي أقدم ورقة في التاريخ، ونحن “نشتغل” عليها من الناحية الفنية و “اليونيسكو” تهتم بها من الناحية العلمية، ومن المقرر أن نقوم آخر العام بعمل معرض في نوفمبر المقبل يضم كل تلك الأفكار والإنجازات. وأوضحت أن إنقاذ نبات البردي هو صون لذاكرة الأمة ، وإلهام لذاكرة المبدعين. وأضافت أن المبادرة تستهدف إنقاذ نبات البردي المهدد بالاندثار، من خلال دمجه في الفن التشكيلي والاقتصاد الإبداعي وإبراز أهميته كأثر يُعاد تسويقه والإهتمام به فنيًا. وتعكس المبادرة الضوء على الدور الحيوي للفن التشكيلي المستدام كقوة ناعمة، للهوية الثقافية المصرية. وتؤمن بأن الفن هو محور من محاور القوي الناعمة وشريك فى خدمة المجتمع وتحقيق التنمية المستدامة. ونظمت رندة أكثر من العديد من المعارض الفردية ولها لوحات مقتناة بدول مختلفة فى أوروبا والولايات المتحدة والمنطقة العربية.
وقالت نوريا سانزمديرة مكتب “اليونسكو” الإقليمي بمصر والسودان، إن هيئة اليونيسكو مهتمة تماماً بإنقاذ نبات البردي، وإننا سعداء بهذا التعاون الذي من شأنه الإهتمام بنبات عريق القدم في الحضارات، ويعكس ثقافة الشعوب، في إطار إهتمام الهيئة بالبيئة العالمية وتحسن جودة المناخ، وكثير من الإهتمامات التي تنهض بثقافات الشعوب وإنها تدعم تماما مثل هذه الأنشطة والفعاليات، وهي ليست المرة الأولى التي تتعاون فيها “اليونيسكو” مع “المنتدى الدولي” والصديقة رندة فؤاد. وتضم أجندة المنتدى مجموعة كبيرة من الفعاليات والنقاشات الفنية التي تناقش دور الفن في تعزيز التنمية المستدامة وبناء شراكات بين الفنانين وممارسي التنمية المستدامة، إلى جانب الإهتمام ببناء شبكة عالمية تتكون من الفنانين والممارسين في مجال التنمية، لضمان استمرارية وتقدم حوار الفن من أجل التنمية.
وقال دكتور أشرف رضا ، رئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة وكيل كلية الفنون الجميلة بالقاهرة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، إن نبات البردي متربطة بالهوية المصرية وبالموروث المصري القديم ، في كل المتاحف والمناطق وبالاثار والمعابد وغيرها. وأضاف أن قيمة البردي تعود إلى آلاف السنين، حيث كان يستعمل منذ أكثر من من 5 آلاف عام في العديد من المهام، الطبية والغذائية والفنية وغيرها ، عند المصري القديم . وأوضح أن الأهمية بهذا النبات ترجع إلى صعوبة التصنيع وقلته، وهو مهدد بالإندثار، وهو مرتبط كنبات في الزراعة بنهر النيل وزراعته على الحواف الزراعية . كما أن نبات البردي له أهمية ودور في الارتقاء بالفن المستدام وفي إعادة استخداماته في الفنون التشكيلية ، وهذا في حد ذاته موضوع مهم جداً، ويحتاج إلى أجواء خاصة في الزراعة.
وقال دكتورصلاح حافط، رئيس جهاز شؤون البيئة السابق إن نبات البردي مرتبط بالإنسانية والبيئة، وهذا الارتباط يشجع الفنانين المهتمين بالانسانية ، مضيفاً أن نبات البردي يثير الفنان للتعبير عنها بصفة مختلفة، وهو نوع من النباتات بصفتها الخاصة والمتعددة يجعل الفنانين ملهمين بالابداع.
وقال الفنان التشكيلي محمد عبلة ، الحائز على العديد من الجوائز والدولية، إن المبادرة تشكل منعطفاً جميلاً للفنانيين، ورأى إدخال “زهرة اللوتس” في المبادرة ، لأنها أيضا تستحق أن يحتفى بها، ونظراً لأهميتها في التاريخ والفنون المصرية على مر التاريخ الفرعوني والحديث وعند المصريين لكثير من الفنون والإبداع.
وقالت الفنانة السينمائية داليا البحيري، إنها مرتبطة بحكم اهتمامها الشخصي ودراستها كخريجة كلية السياحة والفنادق، بالتوعية بنبات البردي، ورأت كيف يهتم السياح وينبهرون بنبات البردي والمنحوتات على جران المعابد المصرية، فهي أقدم ورقة في التاريخ، ويجب أن نحافط عليها من خلال تلك المبادرات المهمة، وأنا سعيدة بتلك المبادرة.
– أهم استخدامات نبات البردي
ومن أهم استخدامات نبات البردي، استخدامه لتصنيع ورق البردي الشهير، والذي يعد من أكثر مواد الكتابة شهرة، والتي تم استخدامها منذ عصر المصريين القدماء، واستمرت كذلك حتى القرن السابع أو الثامن، كما أنه يستخدم كنوع من نباتات الزينة في الحدائق المائية.
ويمتلك هذا النبات ساقاً طويلة، وقد استخدم منذ القِدم كورق البردي للرسوم. لذا، عرفه الإنسان كأول نوع من أنواع الورق المستخدمة في مجالات عديدة. علماً أن أجزاءً من هذا النبات يُمكن أن تؤكل ولها فوائد عديدة، خاصة في علاج أمراض القولون والجهاز الهضمي ومنع الإصابة بالزكام ونزلات البرد.
وهو أحد النباتات العديدة التي تعيش في بيئات قاسية وشديدة الجفاف، ويُعتبر من النباتات الطفيلية التي تعتمد على نباتات أخرى للبقاء على قيد الحياة. يُعتبر نبات البردي جزءاً أساسياً من النظام البيئي في المناطق الجافة والصحاري، حيث يلعب دوراً مهماً في توازن النظام البيئي وحفظ التنوّع البيولوجي.
ويمتلك نبات البردي قدرة خاصة على امتصاص جميع أنواع الملوّثات وتقليل أعداد البكتيريا الموجودة بها، حيث ترفع النسبة المتوفرة من الأكسجين وتحوّل مادة سامة مثل النيتروجين إلى مادة خالية من السموم، أي له القدرة على تحويل مواد ضارّة لا طائل منها إلى مواد نافعة، وذلك من خلال نزع الملوّثات منها.
وقد لعب نبات البردي دوراً مهماً في حياة المصريين القدامى، وفي النظام الغذائي أيضاً، وقد تمّت إضافته إلى أنواع الحساء والخضراوات وتناوله بجانب الأطعمة، وترجع أهمية نبات البردي، إلى انتشاره وتواجده بكثرة، إلى جانب رائحته العطرة ومذاقه الشبيه بالكرفس الأخضر.
واستخدمه المصريون في حشو الدجاج والطيور الأخرى، وإضافته إلى اللحوم لامتصاص الروائح والمحافظة عليها رطبة وسليمة لوقت أطول. كما جعلوا نبات البردي ضمن نظامهم الغذائي المليء بالخضراوات كالخس والكرفس والجرجير وغيرها، وتم دمجه مع زهرة اللوتس المجففة وإضافته إلى الماء لتنقية مذاقه وطعمه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى